کد مطلب:167933 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:208

قیام مسلم بن عقیل
إنّ أصعب مقاطع النهضة الحسینیة المباركة من ناحیة التحلیل التأریخی هو مقطع حركة أحداث الكوفة أ یّام مسلم بن عقیل علیه السلام بعامة وحركة أحداث قیامه وانكساره السریع بخاصة، ففی هذا المقطع من كثرة الحلقات المفقودة، ومن تشابك العوامل وتداخلها وتنوّعها، ومن اضطراب النقل التأریخی لبعض مهمّ من وقائع هذا المقطع، ومن خفاء علل بعض مهمّ آخر، ما یجعل المتتبّع المتأمّل فی حركة هذه الاحداث فی حیرة غامرة.

وكثیرون ممّن كتبوا فی أحداث هذا المقطع والاقدمون منهم خاصة مرّوا به مروراً مرتبكاً كما ارتبكت روایاته التأریخیة، فجاء ما نقلوه أقرب إلی السطحیة منه إلی التعمق، خالیاً من الربط المطلوب بین حلقات أحداثه، فاقداً لما ینبغی أن یكون فیه من التحلیل والتعلیل.

والمحققّون الذین بذلوا جهداً كبیراً فی تحلیل وقائع هذا المقطع وفی الربط بینها، وإنْ جاؤا بتحلیلات وتفاسیر جدیدة وصحیحة غیر قلیلة شكر اللّه سعیهم إلاّ أنهم وجدوا أنفسهم مضطّرین إلی إعتماد بعض الافتراضات التی لاتسندها روایة أو حتی إشارة تاریخیة، وما ذلك إلاّ لكثرة الثغرات التأریخیة فی هذا المقطع، التی ألجأت المتتبع المحقّق إلی مثل هذه الافتراضات التی ربّما كانت


صحیحة وفی محلّها تماماً. [1] .

ونحن هنا، لاندّعی أنا سنقدّم التفسیر والتحلیل الجامع المانع لجریان حركة أحداث هذا المقطع، بل نقول: إننا فی هذه السطور سنحاول ردم بعض الثغرات، وسنسلّط الضوء الكافی علی قضایا مهمّة لم تنل من قبل من الاهتمام والایضاح ما یكفی لابراز دورها الكبیر فی ما وصلت إلیه أحداث الكوفة من نتائج مؤسفة، ویُظهر أهمیتها الكبری فی تفسیر جریان تلك الاحداث.

وفی البدء یكون من اللازم أن نقدّم الاجابة عن هذا السؤال:


[1] مثل افتراض أنّ الثلاثين رجلاً أو العشرة أو الثلاثة الذين بقوا أخيراً مع مسلم بن عقيل عليه السلام بعد انفضاض الناس عنه: لابدّ وأن يكونوا شجعاناً، ومن صفوة مؤمني الكوفة ونخبة رجال الحركة (راجع: مبعوث الحسين 7: 189).